class='ads'>
الخميس، أبريل 16

الدرس الأول من دروس الدورة الشرعية

الدرس الأول من دروس 
 الدورة الشرعية 

 ء*في رحاب "اقرأ باسم ربك الذي خلق"*ء 

بقلم الدكتور عبد الرزاق المساوي


نبدأ بحمد الله تعالى، نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركا فيه يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إلـٰه إلا الله وحده لا شريك له،
 وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد فإنّ أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخيرَ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..أجارنا الله وإياكم منها.. أحبتي في الله إن أول ما أنزل الله تعالى من القرآن العظيم قوله سبحانه﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ خمس آيات جمعت مجامع الخير في العلم والمعرفة، فكان فيها الأمر وكان فيها المنّ وكانت فيها التربية والربوبية وكان فيها الخلق والتكريم وكان فيها الأصل والبيان وكان فيها العلم والأداة القلم والإنسان.. من البداية -وقد أجمع أغلب أهل العلم على أنها أول ما نزل من القرآن- كانت معالم الطريق قد اتضحت وخصائص الدين الجديد قد نصعت ومقوماته قد بانت.. فطلب العلم باسم الربّ واجب، واختيار هذا اللفظ بالذات دون سواه من أسماء الله تعالى له دلالاته وإشاراته وله ظلاله وإيحاءاته فمنه مفهوم الربوبية والتربية إذ ترجع مادة (ربب) في اللغة إلى معاني النمو والعلو والكثرة والجمع والسيادة والإصلاح والرعاية.. وهذه كلها أصلها واحد يدل على الإنماء والزيادة. يقول الراغب الأصفهاني: ( الرب في الأصلُُ: التربية: وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام يقال: ربَّه وربَّاه وربَّبَه). اِقرأْ يا من يخاطبه رب العالمين من فوق سبع سمٰوات.. اقرأ باسم الذي اصطفاك وأضافك إلى اسمه الجليل ليكرمك ويقدرك ويعظمك ويُجِلّك، اقرأ باسم الذي خلق، خلقك وأوضح لك أولّك وبدايتك وتكرّم عليك فأكرمك إذ خلقك وربّاك وعلمك، علمك بالقلم "الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" وعلمك ما لم تعلم "الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ ".. خلقك وسواك، ربّاك وأكرمك، علّمك وأطلعك.
لم تكن موجوداً فخلقك وعدلك، ولم تكن شيئاً مذكوراً فتولاك ونعّمك، ولم تكن تعلم أمراً فعلمك الأسماء كلها وعلمك ما لم تكن تعلم.. وممّا كنت لا تعلمه فعلمك إياه نهايتك وآخرتك، علمك كيف خلقت كيف كانت بدايتك وعلمك نهايتك وكيف هي آخرتك وبين البداية والنهاية كانت مراحل كثيرة، وبين الخلق والردّ كانت أشواط طويلة، كان فيها جميعها سبحانه دائماً هو الأكرم عليك وهو المربّي لك..ء
أَوَلاَ يستحق منك العبادة وهو الذي لأجلها خلقك وسواك وعدلك وعلّمك ورقّاك وربّاك وكرّمك وقال لك:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"؟ أفلا يستحق منك توحيده وإفراده في العبودية وإطاعته وإخلاص الدين له حنيفاً وهو الذي قال لك: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ"؟ 
أما آنَ لك أن تمتثل أوامره وتجتنب نواهيه؟ أما آن لك أن تخلص له التوحيد والعبادة والخضوع والخشوع والخنوع وهو سبحانه الذي بكل ذلك ألزمك؟ أفطال عليك الأمد فقسا قلبك، أم طغت عليك شهوتك فتأبّت عليك نفسك، أم سطا عليك عصرك وغلبك زمانك فتبلّد عقلك؟ 
أفِقْ يا هذا واقرأ باسم ربّك الذي خلقك وربّاك وأكرمك وعلّمك وبالخيرات أمدّك، فلن تجد لك من دونه وليّاً ولا نصيراً ولن تجد لك بعده هادياً ولا مرشداً..ء
اِقرأْ باسم ربّك فهو الذي علّمك البيان وعلمك القرآن وعلمك ما لم تكن تعلم، علّمك ما لم تعلمه الملائكة الكرام وعلمك بالقلم.. علّمك الدين وبيّن لك اليقين وهداك سراطه المستقيم.. واصطفاك من بين المخلوقات أجمعين.. وبعث فيك كوكبة من الأنبياء والمرسلين، واختار لك حبيبه ومصطفاه النبيَّ الأميَّ الأمين محمداً بنَ عبد الله بنِ عبد المطلب عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم..ء
هذا رب العالمين خالق الخلق أجمعين له علينا حق الإفراد والتوحيد في العبادة والتبشير بما جاء في كتابه عن ألوهيته وربوبيته وأفعاله وصفاته ونشر تعاليمه وتعميم ذكره سبحانه بين خلقه ونصره باللسان والسنان حتى لا يعبد في الأرض أحدٌ من دونه..ء
وذلك دينه القويم ومنهجه السّويّ وسراطه المستقيم هو الإسلام بعث به كل المرسلين وله علينا حق التمسّك به والتشبّث بأهدابه والاهتداء بإرشاداته مع تبليغه وتبيينه وحثّ الجميع على التدين به وإظهاره في أحسن مظهرٍ والعمل على تطبيقه في واقع الناس حتى يكون الدين كله لله يعلو ولا يُعْلا عليه..ء
وذاك رسوله العظيم وسراجه المنير المبعوث بالكتاب والسيف رحمة للعالمين له علينا حق الطاعة لأوامره ونواهيه والاتباع لسنّته والاقتداء بهديه والعضّ عليه ونُصرته والذود عنه وعمّا بعث به إلى أن يظهر على العالمين أو يأتينا اليقين..ء
 هذه هي الأصول الثلاثة التي يتحتّم على كلّ مسلمٍ ومسلمة معرفتها ويجب عليهم تعلمها وهي: معرفة العبد ربّه سبحانه ودينه ونبيّه محمداً عليه السلام.. وهي الأصول التي سنحاول في دورتنا هذه، السياحةَ في مدلولاتها ومعانيها وخصائصها ومكوناتها ومقوّماتها ومستلزماتها من خلال المصادر والمراجع المقررة
 واللهَ نسأل أن يوفقنا لما فيه الخيرالعميم لنا ولكم ولجميع الموحدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإلى لقاءآخر في رحاب توحيد رب العباد

"PDF" تحميل ملف 

0 تعاليق:

إرسال تعليق